البيئة..
البيئة من التعابير التي بدأت بالانتشار منذ سبعينات القرن الفائت، حين بدأنا نسمع بمنظمات “حماية البيئة” و”الدفاع عن البيئة” و”الكرين بيس” وأحزاب الخضر، لكن اهتماما حقيقيا للأمم المتحدة بالبيئة لم يُسجل فعليا قبل عقد السبعينات، حين تشكل برنامج الأمم المتحدة للبيئة منبثقا عن مؤتمر ستوكهولم عام 1972، ومنها بدأنا نسمع: البيئة الاجتماعية، البيئة الطبيعية، البيئة الثقافية، والبيئة العائلية.. في إشارة لعلاقة الأنسان بمحيطه الاجتماعي والطبيعي والثقافي والعائلي..
وهكذا تمتع المغرمون بتوليد المصطحات الجديدة بعشرات التعابير، من خلال لصق كلمة بيئة بأي كلمة أخرى تخطرُ على البال، ومازلنا نذكر كيف استقبلنا نحن في العراق الضيفة الجديدة (البيئة) بعد عام 2003 بعشرات المقالات التزويقية، والبرامج المستقبلية، وبالغنا في الاستقبال فخصصنا لها وزارة تضم مكاتب أنيقة، وكومبيوترات، وعشرات الموظفين والتقنيين والخبراء، فضلا عن المخصصات الفلكية لعقد الدورات، والمؤتمرات، والإيفادات للتعريف والتعرف على الوافد الجديد، ومع ذلك ظلت البيئة الحقيقة التي تحيطنا، من طبيعة وشوارع وحدائق وأشجار وطيوروأسماك وفراشات وحيوانات ومياه وهواء وغيوم ونجوم، تندبُ حظها العاثر لأنها أستخدمت كديكور مسرحي في حفلة التغيير، ثم.. ما أن إنتهى العرض وأسدل الستار حتى وجدت نفسها مركونة تحت غبار الأهمال وتلال النفايات.
والبيئة بطبيعتها سريعة الاستجابة في الرد على اهتمام المُهتمين، فما أن تسقي نبتة حتى تجيبك بالنمو، وما أن تنظف ساقية حتى تجيبك بالجريان، وما أن تزرع وردة حتى تلبي عطرها الفراشات..
وهي سريعة الاستجابة في الرد على إهمال المهملين أيضا، جفاف، تلوث، أمراض، ذباب، قوارض، وهواء ثقيل على الرئتين !
أخشى أن يفكر البعض في معالجة أزمة البيئة المستفحلة لدينا، عبر فتح باب الاستيراد، استيراد بيئة (معلبة) من منشأ أجنبي معتبر.. على الطريقة التي يعالجون فيها أزمات الشح في البطاطا والبصل والباذنجان..!
خضير الحميري
28/12/2021