التغير المناخي.. الفقراء يدفعون الثمن
بقلم: أحمد محمود زايد
ينظر الكثير من المواطنين في منطقتنا العربية إلى الاهتمام العالمي بالتغير المناخي وحماية البيئة ومكافحة الانبعاث الحراري والتلوث على أنه نوع من الترف، تنادي به الدول الغنية التي لا تعاني من مشاكل الشرق الأوسط المنهك بالحروب والصراعات والفقر والبطالة وغيرها من المآسي، التي تفوق برأيهم أهمية المواضيع المرتبطة بالمناخ.
وتعود هذه النظرة إلى قصر في المعلومات حول هذه الظاهرة الخطيرة وتأثيراتها المباشرة على حياة البشر وخصوصا الفقراء منهم.
تؤكد الدراسات العلمية أن أشد المتأثرين من ظاهرة التغير المناخي ليست الدببة في القطب الشمالي أو تناقص مساحات غابات الأمازون أو أن الجو سيصبح أكثر حرارة مع ذوبان المسطحات الجليدية على أهميتها، بل إن التهديد يشمل الأنظمة البيولوجية والأمن الغذائي العالمي، وتمثل خطورة على الزراعة والبشر والاقتصاد، وتهدد الأنواع الحيوانية والنباتية.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن الشعوب العربية بقيت لآلاف السنين تواجه التحديات الناجمة عن التقلبات المناخية من خلال تكييف استراتيجياتها للبقاء على قيد الحياة مع التغيرات في هطول الأمطار ودرجات الحرارة. لكن هذه التقلبات ستزداد حدة على مدى الخمسين عاما القادمة، بينما سيشهد مناخ البلدان العربية تقلبات مناخية جامحة غير مسبوقة.
وستشهد درجات الحرارة ارتفاعات جديدة، فيما يندر انخفاض هطول المطر. وقد تجاوزت المعدلات الح
الية للتغيرات المناخية بالفعل العديد من الآليات التقليدية للمعالجة.
ويشمل الخطر الفئات التي تعتمد على الموارد الطبيعية للرزق والرفاه وهي فئات ضعيفة بشكل خاص، وهذا يعني سكان الريف الذين يشكلون نحو نصف إجمالي السكان في المنطقة العربية.
وقد استنفد مئات الآلاف من الناس كل ما لديهم من ممتلكات وأرغموا على الانتقال للعثور على موارد جديدة للرزق. وعادة ما ينتهي بهم المطاف إلى مدن يعملون فيها بأجر بخس وفي وظائف غير رسمية- هذا إذا حالفهم الحظ في العثور على أي منها.
وما تلبث المدن المكتظة أن تزداد تكدسا، مع تزايد المخاطر الصحية والضغوط على إمدادات المياه في الحضر. هذه الدورة ستزداد حدة تحت وطأة تغير المناخ، بينما تغدو الأشكال التقليدية للكفاف في الريف غير مستدامة.
هناك الكثير من المخاطر، والمستقبل مجهول إلا أنه يمكن عمل الكثير من أجل التكيف. ومن خلال الاستراتيجيات والإجراءات الصحيحة، سيكون العالم العربي مستعدا لألف سنة أخرى. والأساس هنا هو الشروع في الاستعداد من الآن.
وهذا يتوجب أيضا زيادة التوعية الإعلامية بمخاطر ظاهرة تغير المناخ، وأنها مشكلة عالمية تهدد مستقبلنا إن لم نبادر الآن باتخاذ خطوات تحمي بيئتنا وكوكبنا لحماية الأجيال القادمة.